السودان: لماذا تدعم الإمارات قائد مليشيا؟

يتعدى التحالف بين الإمارات العربية المتحدة و"حميدتي"، قائد "قوات الدعم السريع" السودانية، تجنيد المقاتلين إلى "تجنيد" الموارد: الذهب والنحاس ومؤخراً اليورانيوم، وعلى ذلك النفط! ويسيطر "الدعم السريع" بشكل شبه كامل على قطاع المعادن الذي يدر أموالاً هائلة، يذهب القليل منها إلى خزينة الدولة فيما يُهرّب الجزء الأكبر إلى الخارج.
2019-11-07

شمائل النور
كاتبة صحافية من السودان



‫عادل داوود - سوريا
كانت زيارة قائد "قوات الدعم السريع" السودانية إلى القاهرة في تموز/ يوليو الفائت، فاصلة في مشروعه السياسي الكبير الذي تخطط له الإمارات العربية المتحدة وتسانده فيه. فالنتائج لم تأتِ كما أراد لها القائد القبلي محمد حمدان )"حميدتي"( صاحب الطموح الجامح، والذي تسيّد المشهد بعد سقوط البشير في نيسان/أبريل 2019. فقد أبلغته مصر رسمياً أنها لن تسمح بتمدد ميليشيا قبلية مسلحة خصماً ل"قوات الشعب" المسلحة السودانية (الجيش السوداني). ولم تتوقف مصر عند هذا الحد، بل أبلغت القيادة الإماراتية بأنها غير راضية عن مشروع الإمارات القاضي في محصلته بتفكيك 
و"الدعم السريع" هي ميليشيا قبلية عربية أسسها البشير لمجابهة الحركات الأفريقية المتمردة في دارفور، قبل أن يصنع منها إمبراطورية عسكرية موازية للجيش السوداني، تحولت إلى قوة نظامية بعد إجازة قانون خاص بها في البرلمان السوداني في كانون الثاني/ يناير 2017.
مقالات .
تنشط عمليات التجنيد لصالح الدعم السريع في دارفور وعلى الشريط الحدودي ذي الوجود القبلي المتداخل، قبل 

تجنيد لتعزيز نفوذ الإمارات مقابله تسليح ثقيل

حينما توسعت تدريجياً عمليات الإمارات عسكرياً في اليمن، كانت بحاجة إلى جنود يقاتلون ويسندون الوجود العسكري للدولة النفطية الصغيرة، والتي تتطلع إلى دور رئيسي 
اتجهت قوات الدعم السريع إلى تأسيس مطارين حربيين في إقليم دارفور غربي السودان (الزُرُق والمثلث)، ونشّطت في هذه المناطق المنهكة بالحروب مشروعات خدمية وتنموية واسعة تنفذها بنفسها.. ما يكشف عن مشروعها السياسي الكبير.
مع التمدد العسكري لهذه القوات، أسست نحو 3 معسكرات رئيسية في أطراف الخرطوم، و7 معاهد عسكرية لتأهيل وتدريب عناصرها. وفي وقت سابق استطاع قائد القوات ("حميدتي") بمعاونة بعض جنرالات الجيش السوداني الاستحواذ على منحة روسية لتدريب قوات خاصة قوامها 5000 رجل، كان من المفترض أن تكون لصالح الجيش السوداني علاوة على صفقة أسلحة ثقيلة تكفلت بها الإمارات، تقرر لها أن تكتمل بعد سقوط البشير، إلا أنها أُرجئت مع تصاعد موقف الرأي العام ضدها، سواء داخل الجيش أو في الشارع. وتشمل الصفقة دبابات وطائرات، وهي الأسلحة التي يتفوق بها الجيش السوداني على تلك الميليشيا إذا ما أجرينا مقارنة بينهما على مستوى التسليح.
لم يتوقف التمدد عند هذا الحد، فاتجهت قوات الدعم السريع إلى تأسيس مطارين حربيين في إقليم دارفور غربي السودان (الزُرُق والمثلث) ونشّطت في هذه المناطق المنهكة بالحروب مشروعات خدمية وتنموية واسعة تنفذها بنفسها ما يكشف عن مشروعها السياسي الكبير.

"الموارد" هي سرّ التحالف

ربما تعتقد الإمارات أن الجيش السوداني هو مجرد تنظيم إخواني بواجهة وطنية شاملة. لكن هذا الاعتقاد ليس السبب الرئيس في دعم ميليشيا قبلية وفي محاولة إحلالها محل الجيش. فملف التجنيد المستمر للمقاتلين له أهمية كبيرة للإمارات التي توسعت عسكرياً في اليمن وفي ليبيا. غير أنه وبالنسبة لـ "حميدتي"، فهو لا يمثل - كما يتصور كثيرون - مصدراً مالياً رئيسياً لإمبراطوريته الاقتصادية. فالتحالف بينه والإمارات يتعدى تجنيد المقاتلين إلى "تجنيد" الموارد.
الدعم السريع الذي يسعى إلى وراثة إمبراطورية النظام البائد الاقتصادية، يسيطر بشكل شبه كامل على قطاع المعادن الذي يدر أموالاً هائلة، يذهب القليل منها إلى خزينة الدولة، فيما تحصد القوات الأمنية والعسكرية هذه الموارد عبر التهريب إلى الخارج. وعلى سبيل المثال، فإن منطقة جبل عامر غربي السودان، الغنية بالذهب والمعادن، تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع وبعض مليشيات حرس الحدود، التي تنشط أيضاً في التنقيب بمناطق جنوب كردفان، وفي مناطق نهر النيل شمال الخرطوم. الذهب يتم تهريبه بشكل مستمر إلى خارج السودان، ويُباع في الإمارات، حيث أعلنت وزارة المعادن السودانية في وقت سابق أن الفاقد من الذهب تجاوز 48 طناً خلال النصف الأول من 2018، وقُدرت نسبة الفاقد بـ 77 في المئة من الإنتاج الكلي.
ولا يمكن الدخول الى منطقة مثل "حفرة النحاس" الغنية بالمعدن إلا بموافقة قائد "قوات الدعم السريع" وفقاً لما أعلنه مسؤول في وزارة المعادن. كما لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة حول احتياطي المعادن ولا الشركات العاملة في المجال، فالقطاع برمته تحت سيطرة تلك القوات، ويتداول بعض العسكريين النظاميين معلومات حول بداية نشاط في تهريب اليورانيوم، وسبق أن أعلنت الحكومة السودانية في آذار/ مارس 2018 فتح الباب للاستثمار في معدن اليورانيوم في دارفور.
يتم تهريب الذهب بشكل مستمر إلى خارج السودان، ويُباع في الإمارات. وقد أعلنت وزارة المعادن السودانية في وقت سابق أن الفاقد من الذهب تجاوز 48 طناً خلال النصف الأول من 2018، وقُدرت.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بين مريـم الأُخــــرى والمجدلية محمد عبد الله شمو

الخطاب التأريخي للدكتور جون قرنق ديمابيور اتيم أثناء إتفاقية السلام الشامل في العام 2005م

#الطير #المهاجر .. محمد وردي