#الطير #المهاجر .. محمد وردي



#الطير #المهاجر

لا يزال البعض تأسره الأغنيات القديمة، ويرى أنها الوحيدة التي يمكن أن تملأ جوانحه بالنشوة، وتجعله يتمايل طرباً على إيقاعها وموسيقاها المتجانسة مع الكلمات واللحن. كثيرون يؤمنون أن أغاني الماضي جميعها محفورة في الذاكرة بمعانيها وألحانها. وتعد “الطير المهاجر” للفنان محمد وردي، والتي صاغ كلماتها الشاعر صلاح إبراهيم، نموذجاً للأغنية التي حلَّقت في الماضي والحاضر. ومنهم من يعتقد جازماً على كمالها، على غرار أغاني الفنان عثمان حسين، أبو داؤود، الكاشف، زيدان إبراهيم، عائشة الفلاتية، أحمد المصطفى، إبراهيم عوض، ومصطفى سيد أحمد، وقبلهم سرور وكرومة.
والإطار القديم حفظ بداخله الأغاني، بفضل جمالها، ، وقدرة فناني الزمن الماضي، وندرة الأداء، علاوة على الصلات القوية التي تجمع بينهم، وتذكر القصص والروايات جميعها، وكيف كانوا يتغنون في سهراتهم، ينشدون فيها طرباً لأنفسهم أولاً قبل غيرهم.
 ومن الطبيعي أن تدهش إيقاعات الفنان الراحل محمد وردي جمهور  السودانيين وغير السودانيين، باعتبار أن الأستاذ محمد وردي هو أول من أدخل الجيتار الكهربائي إلى السُّودان في ستينيات القرن المنصرم، وأول من أدخل الأُرْغُن ، وذلك في أغنية «بعد إيه»، وأدخل البيزجيتار في أغنية «قلت أرحل»، وأدخل الليدجيتار في «جميلة ومستحيلة»، وأدخل الأُرْغُن منذ «الحزن القديم»، وهكذا وجد الأوركسترا الكامل موطأً في مِزاج وردي الموسيقي المميَّز في اللحن والإيقاع، وكان ذلك كله في دوزنة لم يعرف الفن في السُّودان لمثلها بديلاً، وهذا الأمر إن دل على شيء يدل على أن الراحل محمد وردي كان فناناً عبقرياً يعرف طريقه جيداً إلى أذن المتلقي، لذلك لم نجد أي صعوبة في إيصال موسيقاه العالمية إلى الجمهور.

قبل اندلاع ثورة إكتوبر في عام 1964م قدم فنان إفريقيا محمد وردي إحدى الروائع في تاريخ الأغنية السودانية وقد صاغ كلماتها الشاعر الكبير السفير صلاح أحمد إبراهيم وهي الأغنية التي حملت اسم (الطير المهاجر) وقد قيل عنها أنها كتبت كرثاء لحلفا القديمة إلا أن وردي قال أن كتابتها صادفت مشكلة حلفا وكان وقتها يعمل في غانا وقد كتبها يحكي فيها غربته ومعاناته الخاصة, ولم يتحصل وردي على نص القصيدة من شاعرها مباشرة وقد وجدها أثناء عودته من حفلة أقامها في كوستي وكان وردي على متن الباخرة العائدة إلى الخرطوم وحين رست الباخرة في ميناء الدويم اشترى وردي مجلة الإذاعة والتلفزيون ذائعة الصيت في ذلك الوقت فوجد الطير المهاجر منشورة على صفحات المجلة فشرع مباشرة في تلحينها وعند عودته إلى الخرطوم كان وردي على وشك إكمال لحنها وفي ذات الوقت أخذ علي المك وبشير عباس القصيدة وسلماها إلى الفنان عثمان حسين لكن عبد الله عربي أخبرهما عن جمال اللحن الذي وضعه وردي وفعلا قدمها وردي من على خشبة المسرح القومي وكانت الحفلة منقولة على الهواء مباشرة على الإذاعة فسمعها علي المك الذي قال أنه سمع موسيقى ضخمة وكبيرة وكانت أغنية الطير المهاجر بمثابة نقلة كبيرة في مسيرة وردي الفنية وشارك في تسجيلها للإذاعة الموسيقار بشير عباس بالعزف على آلة العود..

الطير المهاجر 

غريب وحيد في غربته
حيران يكفكف دمعته
حزنان يغالب لوعته
ويتمنى … بس لعودته
طال بيه الحنين
فاض به الشجن
واقف يردد من زمن
بالله .. بالله
يا الطير المهاجر للوطن زمن الخريف
تطير بسراع تطير ما تضيع زمن
اوعك تقيف وتواصل الليل بالصباح
تحت المطر .. وسط الرياح
وكان تعب منك جناح …. فى السرعه زيد
فى بلادنا ترتاح
ضل الدليب
أريح سكن
فوت بلاد .. وتسيب بلاد
وان جيت بلاد
وتلقى فيها النيل بيلمع فى الظلام
زى سيف مجوهر بالنجوم فى الظلام
تنزل هناك وتحى يا طير باحترام
وتقول سلام … وتعيد سلام
على نيل بلادنا…. سلام
وشباب بلادنا سلام
ونخيل بلادنا سلام
بالله ياطير
قبل ما تشرب .. تمر على بيت صغير
من بابه من شباكه بيلمع الف نور
تلقى الحبيبة بتشتغل منديل حرير
لحبيب بعيد
تقيف لديها وتبوس ايديها
وانقل اليها وفائى لها
وحبى الاكيد
وكان تعب منك جناح فى السرعه … زيد
فى بلادنا ترتاح … ضل الدليب أريح … سكن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بين مريـم الأُخــــرى والمجدلية محمد عبد الله شمو

الخطاب التأريخي للدكتور جون قرنق ديمابيور اتيم أثناء إتفاقية السلام الشامل في العام 2005م